أسواق “البالات”.. مهرب المعدمين وملجأ الفقراء

صورة من امام محل لبيع البالات، بعدستي
صورة من امام محل لبيع البالات، بعدستي

العراق/مدينة الديوانية/علي الناشي

لم تتمكن أم أيوب (48 سنة)، من شراء بنطال جديد لابنها الصغير، فلجأت إلى سوق “البالات”، الملابس المستعملة، لشراء واحداً له.

فيما انكب النجار أبو حسين (34 سنة)، على كومة من الملابس يبحث فيها عن قميص يلائم قياسه بعد أن مزقت الماكنة قميصه الذي يرتديه.

وتقول المواطنة أم أيوب، إن “أسواق الملابس المستعملة أو كما يسميها العراقيين أسواق “البالات” من الفقراء واليهم”، وتعزوا ذلك إلى أن من يبيع ملابسه فيها فقير ومن يشتريها منه فقير أيضا.

وفيما تؤكد على ضرورة مراقبة الملابس التي تباع في هذه الأسواق وضمان عدم وجود ما يسبب الأذى للمواطن فيها، تدعوا إلى تسميتها بـ”أسواق المعدمين” كون زبائنها من الطبقات المسحوقة في المجتمع.

ولم يخالف النجار أبو حسين الذي قهره الفقر وحرقت الشمس جبينه، أم أيوب في وصفها للسوق، إذ يؤكد على أنها ملتقى الفقراء وربيعهم والمكان الوحيد الذي لا يرهق ميزانيتهم الصرفية بغلاء أسعاره.

ويعتقد المواطن احمد جاسم (29 سنة)، أن سوق البالات هي المتنفس الوحيد للناس البسطاء ممن يعيشون ظروفاً اقتصادية صعبة لاسيما الشباب والعاطلين عن العمل من الأسر الفقيرة.

ورأى جاسم، أن أكثر ملابس البالات جديدة وصالحة للاستعمال وتناسب أذواق الكثيرين ولا تقتصر ملابس البالات على الناس الفقراء فقط بل هناك الكثير من الأسر ذات المستويات المعيشية المتوسطة تشتري منها.

ويقول بائع البالات خضير عباس (34 سنة)، إن “بالات الملابس تستورد من دولة الكويت عبر تجار من محافظة البصرة، وبوصفنا تجاراً ثانويين نشتري جزاً منها ونبيعه في الديوانية”.

وفيما يوضح أن، بيع الملابس المستعملة يزدهر في الشتاء، بسبب نوعية القطع وجودتها، يشير إلى أن لكل محل زبائنه الخاصين الذين يواظبون على شراء البالات.

ويلفت عباس إلى أن أصحاب محال البالات عانوا في الآونة الأخيرة صعوبة إيجار الساحة المخصصة لهم بسبب محاولات البعض للاستيلاء عليها.

مستدركاً لكن الحكومة المحلية تدخلت وأعادت الساحة الينا لكن مع رفع سعر الإيجار علينا.

ويقول البائع رزاق عبد اليمة (46 سنة)، إن “الملابس التي تستورد عن طريق تجار بغداد تكون من مناشئ عالمية مثل كوريا وتايوان، ولها زبائن محددين من ميسوري الحال”.

ويعزوا سبب شرائهم للبالات إلى بحثهم عن الماركات العالمية التي تفوق ما موجود في السوق من ملابس جديدة وبأسعار رخيصة جداً.

ويوضح أن التجار الرئيسين يدخلون البالات إلى العراق عن طريق الشحن الجوي أو عن طريق الباخرات، وتستورد حسب الوزن.

ويقول بائع الأحذية والحقائب المستعملة، مرتضى علاء (27 سنة)، إن “بيع الأحذية والحقائب المستعملة لا يقتصر على وقت محدد في السنة فالإقبال على شرائها كبير في الأوقات كلها”.

ويضيف أن الأحذية الرياضية والحقائب التي تباع في البالات من ماركات عالمية مثل (اديداس ونايكي) وتباع بأسعار زهيدة حيث يتراوح سعرها بين 10 و15 ألف دينار، وهي أفضل من مثيلتها الإيرانية والفيتنامية التي تباع بأسعار مرتفعة جداً.

ويذكر الخبير الاقتصادي أحمد الجنابي، أن العلاقة طردية بين ازدياد نسبة الفقر والإقبال على شراء الملابس المستعملة، فبزيادة الأولى تزداد الثانية.

ويؤكد أن، التوزيع غير العادل لثروات البلد أسهم في توليد طبقتين في المجتمع الأولى طبقة الثراء الفاحش والثانية طبقة المسحوقين، والأخيرة في تنامي كبير وتعاني البطالة وانعدام الإنتاج.

يذكر أن محافظة الديوانية، (180 كم جنوب بغداد)، هي ثاني أفقر المحافظات العراقية، حيث تشكل نسبة الفقر فيها نحو 35%، لكنها ارتفعت إلى 45%، بحسب آخر الإحصاءات.

وتعاني الديوانية، أسوة بمحافظات العراق الوسطى والجنوبية، ارتفاعاً حاداً في نسب البطالة والفقر بين أبنائها فضلاً عن تردي الخدمات في أقضيتها ونواحيها، لعدم وجود الأموال الكافية لصرفها على هذه الخدمات بسبب عدم إقرار الموازنة المالية.

وطالبت حكومة الديوانية في وقت سابق بزيادة حصتها من الموازنة المالية والاستثمارية المخصصة لها، لتوفير السيولة اللازمة لمشاريعها.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *