شيء في خاطري .. الأمطار حرب جديدة

رأي حر/العراق/علي الناشي

10306877_887837767961907_259863535_n

صار المواطن العراقي ملزماً على الدخول في حرب أضافية غير تلك التي يخوضها ضد “داعش” وأعوانه، حرب جديدة لا يمكن له فيها أن يلعب دور المهاجم بل يكتفي بالدفاع فقط، أنها الحرب ضد المطر الذي أمسى نقمة وليس نعمة بسبب الواقع الخدمي المتردي الذي تعيشه البلاد.

إذ باتت معظم مناطق العاصمة العراقية بغداد التي يسكنها أكثر من 5 ملايين نسمة عبارة عن مستنقع كبير، وأمست الكثير من المنازل غير صالحة للسكن بسبب “غرقها” بمياه الأمطار.

أزمة الأمطار أثارت موجة من الاتهامات بين التشكيلات الحكومية، فأمانة بغداد حملت وزارة الكهرباء مسؤولية غرق المناطق بسبب انقطاع التيار عن محطات التصريف.

فيما أكدت لجنة الخدمات النيابية، أن سبب غرق العاصمة بغداد هو الفساد المستشري في مشاريع الصرف الصحي والمجاري, مشيرة إلى أن اللجنة ستستجوب أمين بغداد ومدراء عامين في الأمانة.

لكن المراقب للشارع العراقي، سيجد أن هطول الأمطار حقق ما لم تستطع “هيئة النزاهة” تحقيقه، إذ جرفت قطرات المطر الأقنعة التي كان يرتديها الكثير من ساسة العراق وكشفت حقيقتهم وعجزهم عن التعامل مع ابسط الأمور التي تمس المواطن.

وها نحن اليوم نقف عند واحدة من اكبر صفقات الفساد في الحكومة العراقية، إذ صرفت أكثر من 10 مليارات دولار منذ العام 2005 إلى العام 2013 على شبكات المجاري والصرف الصحي ولم تغطي سوى 40% من حاجة البلاد.

وفي الوقت الذي يمر فيه العراق بحرب ضد مرض الكوليرا ويحاول أن يحد من تأثيره وتقليل عدد المصابين، نجد أن العديد من المناطق تحولت بصورة تلقائية إلى حواضن لهذا المرض بسبب نشوء المستنقعات الآسنة وعدم سحب المياه منها بشكل سريع.

لكن تبقى هناك كارثة أكبر، إذ تزيد موجة الأمطار معاناة النازحين، وتضيف بعداً مأساوياً على أوضاعهم في المخيمات.

فقد وجد نساء وأطفال وشيوخ أنفسهم تحت سقوف خيام لا تقوى على مواجهة الريح ولا تقي من المطر، فجميع مخيمات النازحين من محافظتي الأنبار وصلاح الدين في الدورة والغزالية والمخيمات القريبة من محافظتي السليمانية واربيل غمرتها مياه الأمطار، مخلفة وضعاً وصل إلى حد الكارثة الإنسانية، بحسب تصريحات جمعية الهلال الأحمر العراقي.

وبرغم هذه الأزمة التي فتحت بوابة الشتاء لأزمات مماثلة أخرى، سينجو العراقي حتى وان قدم الخسائر ويبقى يحلم بخلاصه من الفاسدين ويعيش على أمل أن يكون القادم أفضل.

 

 

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *